Saturday, April 12, 2008

خالد مشعل وكاريزما الصراع


خالد مشعل وكاريزما الصراع
الكاريزما" في الأصل كلمة يونانية معناها الحرفي: "هـبة اللـه"، والشخص "الكاريزمي" هو ذو الهيبة، المؤثر، الودود، وهو من يمتلك سلطة فوق العادة، وسحرا شخصيّا عندما تقابله يجذبك من أول وهلة، ويسيطر على عقلك ومشاعرك وأحاسيسك، ويثير الولاء والحماس فيك. إنه شخصٌ وُجِــد ليبقى في الذاكرة ولا يُنسى أبدا، سواء أحببته أو كرهته.
وخالد مشعل من تلكم الشخصيات التي حباها الله -تعالى- بهذه الهبة، فما أن تطالعه على الشاشة حتى يجذبك إليه، حتى وإن لم ينطق حرفا واحدا.
وُلِد خالد عبد الرحيم مشعل في قرية سلواد قضاء رام الله بفلسطين عام 1956، وتلقى التعليم الابتدائي فيها حتى عام 1967؛ حيث هاجر مع أسرته إلى الكويت، وعاش هناك في مستوى اقتصادي فوق المتوسط، وأكمل هناك دراسته المتوسطة (الإعدادية) والثانوية. وانضم إلى تنظيم الإخوان المسلمين "الجناح الفلسطيني" (إن صح التعبير)، ثم أكمل دراسته الجامعية حتى حصل على البكالوريوس في الفيزياء من جامعة الكويت.
كانت جامعة الكويت في السبعينيات من القرن الماضي تعج بالتيارات الفكرية؛ العربية منها عامة، والفلسطينية خاصة، وشهدت انتعاشة طلابية حركية نشطة، ما زالت آثارها الإيجابية على مَنْ عايشها حتى اليوم.
هذه الفترة الذهبية ساهمت بشكل كبير في تكوين شخصية خالد مشعل، وتنمية مَلَكاته، حيث شهدت قمة عطائه ونضجه الفكري والحركي والسياسي، فقاد التيار الإسلامي الفلسطيني في جامعة الكويت، وشارك في تأسيس كتلة الحق الإسلامية التي نافست قوائم حركة (فتح) على قيادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين في الكويت، تلك الكتلة التي سرعان ما تحولت -بعد تخرجه- إلى ما عُرِف بـ"الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين".
ونجح في رفع أسهم حماس عربيّا وإسلاميّا وعالميّا، وهو ما حدا بإسرائيل إلى أن تحاول اغتياله يوم 25-9-1997 في العاصمة الأردنية عمَّان على أيدي عملاء الموساد الصهيوني، ولكن المحاولة فشلت فشلا ذريعا، واستطاعت بسببها الحكومة الأردنية أن تعقد صفقة مع إسرائيل يتم فيها الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس مقابل تسليم الأردن منفذي العملية لإسرائيل.
وجاءت هذه المحاولة الفاشلة لتزيد من تألق خالد مشعل وبزوغ نجمه وزيادة تحركاته السياسية والإعلامية، الأمر الذي أدى إلى قيام الأردن بإبعاده هو ومجموعة من ممثلي حماس من الأردن في 21-11-1999، فتوجه إلى قطر التي
إن قدرة أبي الوليد على قيادة سفينة حماس السياسية وسط الأمواج المتلاطمة من الدول والأطراف المحيطة به تؤكد ما يمتلكه الرجل من إمكانات، فقد بدأ عمله منطلقًا من الأردن التي تربطها بإسرائيل معاهدة سلام، ثم انتقل لقطر التي لها علاقات مع إسرائيل، وتعامل مع مصر التي بينها وبين إسرائيل معاهدة كامب ديفيد،

كما بدت حنكته السياسية حين تحدث عن موقف حماس من علاقاتها بمن حولها عربيًّا وإسلاميًّا قائلاً: "إن حماس -باعتبارها جزءًا أصيلاً من أمتها- تراعي في موقفها مجمل الأوضاع العربية والإسلامية بعيدًا عن التبعية والإلحاق من ناحية، وعن الصراع والتوتر من ناحية أخرى، وقد نجحت حماس في تكريس معادلة متوازنة في علاقاتها العربية والإسلامية، وتؤكد سيرة حماس ذلك، وقدرتها على إقامة علاقات مع الدول العربية على اختلاف مواقفها، والاجتهاد في جعل قضية فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني عامل اجتماع وتوحيد للأمة".

ويُعدُّ تولي خالد مشعل منصبه هذا تحديّا جديدا وصعبا له؛ لأنه يأتي كخَلَف لمؤسس الحركة ومرشدها الروحي، وهذه المشكلة يعاني منها كل من يلي مؤسس أي حركة، فكيف والحال أن خالد مشعل سيقود حركة كان رئيسها السابق هو الشيخ أحمد ياسين بما له من مكانة لا ينافسه فيها أحدٌ في قلوب أعضاء حركته، إضافة إلى ما اجتمع في الشيخ ياسين من ظروف جعلت منه "كاريزما" متفردة ليس من السهل أن ينافسه فيها أحد؟.
إن الشخصية "الكاريزمية" هي الشخصية القادرة على التأثير في الآخرين في كل أحوالها وأحوالهم، فهل يقدر خالد مشعل بشخصيته تلك على ملء الفراغ الذي خلَّفه الشيخ أحمد ياسين، وأن يكون رجل حركة حماس الأنسب؟

No comments: